Categories
Posts

سلسلة الحياة بالإيمان

الجزء الأول

إحترام الحياة

هناك من يعيش الحياة البوهيمية الخالية من النظام والترتيب (تحت مسميات التحرر/ التطور …إلخ) وهذه الطريقة في الحياة تمنع الفرد من ان يحترم الحياة أو أن يدرك معناها وقيمتها فتنشئ مفاهيم خاطئة ومبادئ مشوهه تنعكس بصورة أفعال في حياة الفرد وتثقل كاهل المجتمع (مثال فضلات الكلاب )

إن الحياة بالدرجة الأولى هي عطية الله، فلم يولد إنسان بمجرد الصدفة ويقينًا أن النملة التي تدبّ على الأرض موجودة بمشيئة الله، وإذا تأكّدنا أن الحياة هي عطية الله وُجب علينا أن نحترمها

إن احترام الحياة يعني أولاً وقبل كل شيء إقامة علاقة مع الله لأنه مصدر الحياة ومنحه السيادة الكلية على حياتنا التي وهبنا إياها لأنه صلب هذه الحياة

حين خلق الله الإنسان الأول “نفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفسًا حية.” (تكوين 7:2) واستمرار الحياة يتوقّف على مشيئة الله “لأننا به نحيا ونتحرّك ونوجد.” (أعمال 28:17)

إن الذين يتمنّون الموت لأنفسهم بسبب قسوة الحياة وظروفها الصعبة قد غابت عن أذهانهم رؤيا الحياة في معناها السليم، وسبب ذلك أنهم ركزوا أفكارهم في ظروفهم وذواتهم ولم يعطوا الله المكان الأول في حياتهم

واحترام الحياة يعني احترام كل دوائرها

 دائرة الوجود العقلي: طريقة التفكير والتعاطي مع الأمور المحيطة

 دائرة الوجود العاطفي والنفسي: الرغبات والمشاعر (قد نتفق في شيء ونختلف على أشياء)

 دائرة الوجود الروحي: طريقة التواصل مع الله وطبيعة العلاقة القائمة الناشئة (فهي شخصية بالمقام الأول)

 دائرة الوجود الجسدي: إن الحيز المكاني الذي يتواجد فيه الأشخاص (قد يكون مضطر للتواجد في مدرسة معينة، حي معين، او حتى في دولة معينة أو أبسط من هذا قد يكون في انتظار الحافلة او القطار!ـ هل يعني هذا ان أكون مصدر إزعاج؟ ـ

لابدّ من التوازن في إشباع كل دائرة من دوائر الحياة، فلا تطرّف في التفكير العقلي. “لا يرتئي (أحد) فوق ما ينبغي أن يرتئي بل يرتئي إلى التعقّل.” (رومية 3:12) لا تطرّف في السير مع العواطف ومتطلّبات النفس، ولا تطرّف في الحياة الروحية، ولا تطرّف أو إغراق في الشهوات الجسدية، بل لا بدّ من التوازن الحقيقي ليعيش الإنسان حياته كما أراد الله أن تكون.

خلال تجربتنا الحياتية نجد حالات من انعدام التوازن بين متطلبات الموقف والمرحلة الناشئة وقدرة الفرد على الاستجابة لهذه المواقف ما ينعكس بصورة ضغط نفسي فأحيانا يكون هذا الضغط محفز للفرد على الإبداع والإنجاز وغالباً يكون ذو تأثير سلبي يثبط العزيمة ويعرقل مساراته

هنا يتوجب علينا أن نضع في عين الاعتبار أن تباين قدرة الافراد على التكيّف مع الحياة الاجتماعية وجعلها جزء من الحياة اليومية، أمر واقعي قائم نتيجة إدراك عقلي خاطئ للتجربة الحياتية ما يفرز ردود أفعال خاطئة غير متوازنة وبالتالي القلق والتوتر العاطفي، في حين قد يعتبر البعض من الافراد ان قدراتهم على التكيف مع البيئة الاجتماعية المتواجدين فيها مهمة شاقة ومرهقة وتفوق قدرتهم مما يفرض عليهم تجربة الحياة في الواقع الافتراضي والشعور الدائم بأن المجتمع شرير مليء بالاضطهاد وانهم ضحية هذا الاضطهاد.

عند هذه المرحلة يتبادر إلى أذهاننا كأشخاص نسعى للحياة بالإيمان ماذا يعني ان احترم الحياة التي اعيشها وماذا يعني ان احترم حياة الناس الموجودين في هذه التجربة الحياتية، للإجابة عن هذا السؤال يحب ان نحدد مفهومً كتابياً مشتركً لمعنى احترام الحياة:

احترام الحياة هو احترام النظام والترتيب والتنسيق في الحياة  

إن الله “ليس إله تشويش بل إله سلام.” (رومية 33:14) وقد نظّم الله الكون بإتقان، فالشمس تشرق وتغرب في مواعيدها وفصول السنة تسير بنظام بديع: الصيف والخريف والشتاء والربيع. والنجوم تظهر في السماء بجمالها الرائع، والإنسان الذي يحترم الحياة يجب أن يحترم النظام والترتيب والتنسيق.

إن المرأة التي تترك بيتها بلا نظام ومطبخها بلا نظافة، وحجرة نومها بلا تنسيق وملابسها بلا أناقة هي امرأة لا تحترم الحياة. والرجل الذي يملأ بيته فوضى ويلقي بملابسه وكتبه وحذائه هنا وهناك، رجل لا يحترم الحياة… إن احترام الحياة يعني احترام جمال الحياة ونظامها.

احترام الحياة هو احترام الوقت 

إن الله اوجد الوقت “مُفْتَدِيّْنَ الوقت لأن الأيام شريرة.” (أفسس 16:5) والوقت هو الحياة، إن حياة كل فرد تتكوّن من الثواني، والدقائق، والساعات والأيام، والأسابيع، والشهور، وهذه تكوِّن سنوات العمر، فالذي يهمل افتداء الوقت يضيع حياته في التفاهات والأوهام.

إن المرأة التي تتحدّث هاتفيًّا حديثًا تافهًا ولمدة ساعة مع صديقتها فإنها تتلف وقتها ووقت صديقتها. والرجل الذي يضيّع وقته في أحاديث عاطلة يسمح لسوس الزمن أن ينخر في حياته ويهدمها

إن الذين قالوا: “الوقت من ذهب” و”الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك” كانوا على حق، ولذلك أفرد الوحي حديثًا طويلاً عن تنظيم الوقت، فقال: ” لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ وَقْتٌ: لِلْوِلاَدَةِ وَقْتٌ وَلِلْمَوْتِ وَقْتٌ. لِلْغَرْسِ وَقْتٌ وَلِقَلْعِ الْمَغْرُوسِ وَقْتٌ.” (جامعة 1:3-3)

احترام الحياة هو احترام الأحياء

إن الشخص الذي يحتقر الناس يحتقر الحياة، فكل إنسان يستوجب احترامنا، يستوجب ان نحترم خصوصيه، عاداته وتقاليده …. الخ. ونحن حين نحترم الحياة نحترم الأحياء سواء كانوا معنا أو علينا، وسواء وافقوا مع عقائدنا أو اختلفوا عنها سواء أظهروا لنا تعبهم، ضيقهم، قلقهم أو لم يظهروه “سمعتم أنه قيل: تحب قريبك وتبغض عدوك وأما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم، فأي أجر لكم؟ أليس العشارون أيضا يفعلون ذلك وإن سلمتم على إخوتكم فقط، فأي فضل تصنعون؟ أليس العشارون أيضا يفعلون هكذا فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل” (متى5: 43 – 48).

إذن لن نستطيع أن نتعلم احترام الحياة إلا إذا نظرنا إليها في ضوء الأبدية. “قَدْ رَأَيْتُ الشُّغْلَ الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ بَنِي الْبَشَرِ لِيَشْتَغِلُوا بِهِ. صَنَعَ الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ، وَأَيْضًا جَعَلَ الأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ، الَّتِي بِلاَهَا لاَ يُدْرِكُ الإِنْسَانُ الْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُهُ اللهُ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ.” (جامعة 10:3-11) والحياة الأبدية تتركّز في شخص المسيح، فمن يمتلك المسيح ويجعله مخلّصًا لنفسه، ويقبله ربًا لحياته يعرف كيف يحترم الحياة. “وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ.” (1يوحنا 11:5-12)

لقد شهد الرب يسوع عن نفسه فقال: “وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل.” (يوحنا 10:10) مع المسيح فقط تكون الحياة

هل قبلت المسيح مخلصًا لنفسك؟

هل قررت أن تتبعه،وجعلته رباً على حياتك؟

إنه قرار صعب للغاية “حينئذ قال يسوع لتلاميذه: إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني” (متى 16: 24) من هذا الذي يقبل ان ينكر ذاته و يقضي على فردانيته أصل تسميته فرد ليكون موته عن شخصه حياةً بالمسيح الذي فيه خلاص العالم لا دينونته “لا شيئا بتحزب أو بعجب، بل بتواضع، حاسبين بعضكم البعض أفضل من أنفسهم لا تنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه، بل كل واحد إلى ما هو لآخرين أيضا فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضا” (فيلبى 2 : 3 – 5) وهذا هو مفتاح الحياة الحقيقة “أنا هو الطريق والحق والحياة.” (يوحنا 6:14)

 لنصلي ونفرح وتكون كلمة الرب جزء من حياتنا…… بل كل حياتنا في المسيح رب الأرباب وملك الملوك ….

آمين.