Categories
Posts

سلسلة الحياة بالإيمان

الجزء الرابع

النمو ثانياً

اليوم، نتقدم في الطريق الروحي، لندخل إلى النمو بالإيمان، فيكون لنا حياة مع المسيح، لأن بعد الإيمان وكل حسب عمره وتجربته الحياتية وقناعاته السابقة وعاداته و تقاليديه (الكثيرين يأتون بمعتقدات وعقلية أو خبرات ما قبل الأيمان ويحاولون الموائمة بينهم وبين هذا الايمان الجديد فيكون صراع او تخبط أو شك وغيره من الاعتراضات المعيقة لعمل الروح القدس في القلوب، لأن الروح القدس هو الذي يقوم دائما بمساعدتنا على النمو الروحي، ولأنه بدون الروح القدس لن نقدر أن نفعل أي شيء. إن النمو الروحي هو عملية التحول والتشكل لنصبح مثل الرب يسوع، فكي كل شيء من حولنا نستطيع ادراكه وتقييم مدى تطوره أو نموه مع مرور الزمن، أصدقائنا، مجتمعاتنا، مقتنياتنا. الخ. هل فكرت يوما بالنظر كيف يتطور ايمانك وهل هذا الايمان في حالة نمو (أفضل موسم، تقزم، جفاف، تحلل)

كيف يكون الاعتراف بالمسيح وقبوله إله ورب على قلبي وعقلي فعل نمو وما هو شكل هذا النمو؟

كيف أستطيع ملاحظة هذا النمو وادراكه!؟

  أن المسيح يدعونا للنمو الروحي لنصل للكمال النسبي، لان الكمال المطلق هو لله وحده، إنما الكمال النسبي هو الكمال الذي يستطيع الإنسان أن يصل إليه في حدود إمكانياته، ونسبة الى ما وهبه الله من نعمة ومعونة وما يحيط به من ظروف ” فكونوا انتم كاملين كما إن أباكم الذي في السماوات هو كامل”(متى 5: 48)، ونجد هذا في العهد الجديد و الأمثلة المعطاة عن النمو الروحي. مثل شجرة التين الغير مثمرة وقد أعطاها فرصة، اتركها هذه السنة فأن لم تنمو وتثمر تقطع ” فان صنعت ثمرا و إلا ففيما بعد تقطعها.”(لوقا 13: 9)ومثل الزارع ونمو كلمة الله في القلب لكى تثمر “و سقط آخر على الأرض الجيدة فأعطى ثمرا بعض مئة و آخر ستين و آخر ثلاثين ” (متى 13: 8)

إذن إن نمو روحانية الأفراد هو مسؤوليتهم الشخصية ولكن المجتمع المحيط يلعب دور إيجابي أو سلبي في التأثير على هذا النمو. هذا ونجد في مواقع متباينة أشخاصاً قد اختبروا صعوبات كثيرة بالحياة فكان لهذه الصعوبات أثراً دافعاً للبحث عن الحقيقة ومقابلة المسيح والإيمان به. فكان في إيمانهم بالمسيح خلاصهم وفي اختيارهم له حجراً للزاوية فصاروا حجارة صغيرة في كنيسة الرب يسوع المسيح، “وَلَمَّا وَصَلَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلِبُّسَ، سَأَلَ تَلامِيذَهُ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا، ابْنَ الإِنْسَانِ؟» 14فَأَجَابُوهُ: «يَقُولُ بَعْضُهُمْ إِنَّكَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَغَيْرُهُمْ إِنَّكَ النَّبِيُّ إِيلِيَّا، وآخَرُونَ إِنَّكَ إِرْمِيَا، أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 15فَسَأَلَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» 16فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ قَائِلاً: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيّ ِ! «”(متى 16-13:16). أما العلاقة مع الرب والسماح لكلمته بأن تكون في العالم -الشهادة الحية للمسيح (المحبة العملية) – من خلال حياتنا بالغ الأثر في ثبات الإيمان في داخلنا وعنده فقط نستطيع أن نصمد في وجه العواصف والسيول (صعوبات الحياة واضطراباتها) ولا ننجرف خلف إلحاح العالم ومغرياته. “فَأَيُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَيَعْمَلُ بِها، أُشَبِّهُهُ بِرَجُلٍ حَكِيمٍ بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ، 25فَنَزَلَتِ الأَمْطَارُ، وَجَرَتِ السُّيُولُ، وَهَبَّتِ الْعَوَاصِفُ، فَضَرَبَتْ ذَلِكَ الْبَيْتَ، فَلَمْ يَسْقُطْ لأَنَّهُ مُؤَسَّسٌ عَلَى الصَّخْرِ. 26وَأَيُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَلا يَعْمَلُ بِها، يُشَبَّهُ بِرَجُلٍ غَبِيٍّ بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ، 27فَنَزَلَتْ الأَمْطَارُ، وَجَرَتْ السُّيُولُ، وَهَبَّتِ الْعَوَاصِفُ، فَضَرَبَتْ ذَلِكَ الْبَيْتَ، فَسَقَطَ، وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيماً«.”  (متى 27-24:7)

إن في اعتراف بطرس بيسوع كإبن الله، إعلان قلبي عن إيمان بطرس الشخصي بيسوع المسيح. وهذا الأيمان هو الذي دفع بطرس إلى الثقة بالمسيح. ليكون كل اللذين آمنوا ووضعوا ثقتهم في المسيح كما فعل بطرس، الكنيسة. كنيسة يسوع المسيح “فَأَنْتُمْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَيْهِ، بِاعْتِبَارِهِ الحَجَرَ الحَيَّ الَّذِي رَفَضَهُ النَّاسُ، وَاخْتَارَهُ اللهُ، وَهُوَ ثَمِينٌ عِنْدَهُ. 5إِذَنِ اتَّحِدُوا بِهِ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ، مَبْنِيِّينَ بَيْتاً رُوحِيًّا، تَكُونُونَ فِيهِ كَهَنَةً مُقَدَّسِينَ تُقَدِّمُونَ لِلهِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةً مَقْبُولَةً لَدَيْهِ بِفَضْلِ يَسُوعَ الْمَسِيح.” (بطرس الأولى5-4:2)

إنَّ الكلمة اليونانية المرادفة لاسم بطرس هي Πέτρος, Πέτρο Petros وتعني حجر أو صخرة “وَاقْتَادَهُ إِلَى يَسُوعَ. فَنَظَرَ يَسُوعُ مَلِيًّا إِلَى سِمْعَانَ وَقَالَ: «أَنْتَ سِمْعَانُ بْنُ يُونَا، وَلَكِنِّي سَأَدْعُوكَ: صَفَا» أَيْ صَخْراً.” (يوحنا 1: 42)- صَفَا جمع صَفواء أَيْ الصخور الملساء-  ثم استخدم يسوع كلمة مشتقة منها وهي Πέτραν, Petran التي تعني “صخر بناء”. وهي نفس الكلمة التي استخدمت في متى 7: 24، 25 عندما تكلم عن الصخر الذي بنى عليه الرجل الحكيم بيته. بطرس نفسه استخدم نفس هذا التشبيه في رسالة بطرس الأولى 2: 5 λίθοι ζῶντες líthoi zóndes  و التي تعني ” الحجارة الروحية ” التي تشترك في الاعتراف بأن يسوع هو المسيح، إبن الله الحي. هذا الاعتراف بالإيمان هو ما تقوم عليه أساسات الكنيسة، والعهد الجديد يوضح تماماً أن المسيح هو أساس الكنيسة ولا شيء آخر “يَسُوعُ هَذَا هُوَ الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضْتُمُوهُ أَيُّهَا الْبُنَاةُ، وَهُوَ نَفْسُهُ صَارَ حَجَرَ الزَّاوِيَةِ الأَسَاسَ، 12وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاصُ، إِذْ لَيْسَ تَحْتَ السَّمَاءِ اسْمٌ آخَرُ قَدَّمَهُ اللهُ لِلْبَشَرِ بِهِ يَجِبُ أَنْ نَخْلُصَ!» (أعمال الرسل 12-11:4). “فَلَيْسَ مُمْكِناً أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ أَسَاساً آخَرَ بِالإِضَافَةِ إِلَى الأَسَاسِ الْمَوْضُوعِ، وَهُوَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ. ” (كورنثوس الأولى 11:3)، فالدور الأساسي هو دور المسيح وحده المسيح لأنه هو (حجر الزاوية) “وَلكِنَّهُ نَظَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «إِذَنْ مَا مَعْنَى هذِهِ الآيَةِ الْمَكْتُوبَةِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبُنَاةُ، هُوَ نَفْسُهُ صَارَ حَجَرَ الزَّاوِيَةِ؟” (لوقا 17:20)، “وَقَدْ بُنِيتُمْ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَالْمَسِيحُ يَسُوعُ نَفْسُهُ هُوَ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ الأَسَاسُ” (أفسس 20:2). نجد أن الإيمان قد بدأ بالاعتراف بالمسيح إله ومخلص، ثم بالسماح له بالتربع على عرش حياة المؤمن لتبدأ العلاقة معه، فيكون النمو بالإيمان، هو الثقة بالله (الثقة بمشيئته والثقة بعطاياه) والسماح لهذه المشيئة في أن تكون بالعالم من خلال أعمال الإنسان. “ 16إِنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا فِي الرُّوحِ. وَعِنْدَئِذٍ لَا تُتَمِّمُونَ شَهْوَةَ الْجَسَدِ أَبَداً. 17فَإِنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي بِعَكْسِ الرُّوحِ، وَالرُّوحُ بِعَكْسِ الْجَسَدِ؛ وَهَذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ حَتَّى إِنَّكُمْ لَا تَفْعَلُونَ مَا تَرْغَبُونَ فِيهِ. ” (غلاطية 17-16:5). الجسد المذكور في كلمات بولس الرسول، ليس هو اللحم والدم، لأنه مكتوب: “أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟” (1كورنثوس 19:6). الجسد إذًا هو اسم الطبيعة الساقطة، وقد سُمّيت كذلك “الإنسان العتيق الفاسد” (أفسس 21:4)، وتعني هذه التسمية أننا ورثنا هذا الإنسان القديم (عتيق)، وسُمِّيت أيضاً الإنسان الطبيعي، “غَيْرَ أَنَّ الإِنْسَانَ غَيْرَ الرُّوحِيِّ لَا يَتَقَبَّلُ أُمُورَ رُوحِ اللهِ إِذْ يَعْتَبِرُهَا جَهَالَةً، وَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْرِفَهَا لأَنَّ تَمْيِيزَهَا إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى حِسٍّ رُوحِيٍّ. ” (1كورنثوس 14:2)

الانسان الطبيعي، أي الانسان قبل الإيمان هو الذي لم يولد ثانية ولم يسكنه الروح القدس… ومن الممكن أن نجد في هذا الإنسان ضمير يشتكي ويحتج على تصرفاته الأثيمة (رومية 14:2-16). أو أن يُسكِت العالم، أوالمجتمع، أوالعائلة،…الخ صوت هذا الضمير فيصبح ضميرًا نجسًا (تيطس 15:1)، خاضعاً للأرواح المُضِلَّة، وللمعلمين الدجالين الذين كُوِيَتْ ضَمَائِرهمُ بِالنَّارِ (1تيموثاوس 1:4-2)

أما المؤمن الذي قبل المسيح، ولكن لم يسمح له بتولي مهام القيادة ولم يفسح له المجال ليعبر من خلاله حياته إلى حياة الآخرين، فهو المُخلَّص الذي وُلد ثانية، لكنه ترك لطبيعته العنان إلى أن تظهر هذه الطبيعة في تصرفاته وتسيطر عليها. وقد كتب الرسول بولس لهؤلاء المؤمنين قائلاً: “وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ، بَلْ كَجَسَدِيِّينَ كَأَطْفَال فِي الْمَسِيحِ… فَإِنَّهُ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَانْشِقَاقٌ، أَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ الْبَشَرِ؟” (1كورنثوس 1:3، 3)

أما المؤمن النامي بالإيمان فهو الذي سَمح للمسيح بالتربع على عرش حياته، متخلياً بإرادته عن كل مشيئة يأتيه بها العالم، لصالح مشيئة الله ممتلئً من الروح القدس “أَمَّا الإِنْسَانُ الرُّوحِيُّ، فَهُوَ يُمَيِّزُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلا يُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ” (1كورنثوس 15:2). وهو الذي يُصلِح من أُخِذ في زلة ما، “أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا” (غلاطية 1:6)

ومن الممكن أن يسقط المؤمن النامي وهذا عندما تبقى فيه الطبيعة الساقطة، وقد تظهِر أعمالها حين يمرّ في لحظة إهمال. فبطرس الرسول ظهرت فيه أعمال الطبيعة الساقطة، “ وَلكِنَّهُ بَدَأَ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لَا أَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي تَتَحَدَّثُونَ عَنْهُ«.” (مرقس 71:14). أنكر بطرس معرفته بالمسيح بضغط الطبيعة الساقطة ولأنه أعتقد أنه بهذا يحفظ حياته. فالإعلانات السماوية لا تعصم المؤمن عن الخطأ، أو السقوط، كما أن النمو في الإيمان لا ينفي وجود الطبيعة الساقطة فينا. وعلينا أن نعرف أن هناك وسائل لإماتة أعمال الطبيعة الساقطة، أما الطبيعة الساقطة نفسها فتبقى فينا حتى الموت

وربما يكون سؤال حالنا كيف لنا أن نميت أعمال هذه الطبيعة الساقطة المتوطنة فينا؟

إن إماتة أعمال الجسد ممكنة عندما نعطي السيادة الكاملة للروح القدس على حياتنا ” لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ” (رومية 13:8). فالروح القدس يميت أعمال الجسد ولا يميت الجسد، وهنا لا بد أن يطلب المؤمن الملء بالروح القدس لينتصر على أعمال الجسد، والملء بالروح القدس يتكرّر. فبولس الرسول امتلأ بالروح القدس حين التقى بحنانيا “فَذَهَبَ حَنَانِيَّا وَدَخَلَ بَيْتَ يَهُوذَا، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى شَاوُلَ وَقَالَ: «أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ، إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ، الَّذِي ظَهَرَ لَكَ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي جِئْتَ فِيهَا، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لِكَيْ تُبْصِرَ وَتَمْتَلِئَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ». 18وَفِي الْحَالِ تَسَاقَطَ مِنْ عَيْنَيْ شَاوُلَ مَا يُشْبِهُ الْقُشُورَ، فَأَبْصَرَ، ثُمَّ قَامَ وَتَعَمَّدَ. 19وَتَنَاوَلَ طَعَاماً فَاسْتَعَادَ قُوَّتَهُ وَبَقِيَ بِضْعَةَ أَيَّامٍ مَعَ التَّلامِيذِ فِي دِمَشْقَ« (اعمال 19-17:9)، فالمؤمن الذي يريد النصرة على أعمال الجسد عليه أن يعطي السيادة الدائمة للروح القدس مضحيًا بكل ما يعيق هذا الملء في حياته. قانون الجاذبية، قانون ثابت، ولكن الطائرة تطير لا بإلغاء هذا القانون، بل بوجود قوة داخلها تجعلها ترتفع وتطير رغم وجود هذا القانون، ” وَأَمَّا أَنْتُمْ، فَلَسْتُمْ تَحْتَ سُلْطَةِ الْجَسَدِ بَلْ تَحْتَ سُلْطَةِ الرُّوحِ، إِذَا كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِناً فِي دَاخِلِكُمْ حَقّاً. وَلكِنْ، إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ، فَهُوَ لَيْسَ لِلْمَسِيحِ.” (رومية 9:8 ). وقوة الروح القدس في المؤمن تعطيه نصرة ليرتفع على أعمال الطبيعة الساقطة

وبعد إعطاء السلطة الكاملة في حياتنا للروح القدس، يستطيع أن يحسب المؤمن نفسه ميتًا عن الخطية ” كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا احْسِبُوا أَنْفُسَكُمْ أَمْوَاتًا عَنِ الْخَطِيَّةِ، وَلكِنْ أَحْيَاءً ِللهِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. إِذًا لاَ تَمْلِكَنَّ الْخَطِيَّةُ فِي جَسَدِكُمُ الْمَائِتِ لِكَيْ تُطِيعُوهَا فِي شَهَوَاتِهِ، وَلاَ تُقَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ إِثْمٍ لِلْخَطِيَّةِ، بَلْ قَدِّمُوا ذَوَاتِكُمْ للهِ كَأَحْيَاءٍ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ بِرّ ِللهِ”. (رومية 11:6-13). لأن الطبيعة الساقطة يمكنها أن تستخدم أعضاء الجسد وعلى المؤمن أن يحسب نفسه ميتًا عن الخطية فلا يستخدم أعضاء جسده في الشر. لأنه عندما آمن بالمسيح وأعتمد فهو قد مات عن نفسه معتبرًا أنه صُلب مع المسيح ” وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ” (غلاطية 24:5). ليكون في إقامته حياة مع المسيح ” مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي” (غلاطية 20:2). هكذا لن يكون في قلب المؤمن مكانًا للإثم ( الشر) “إِنْ رَاعَيْتُ إِثْمًا فِي قَلْبِي لاَ يَسْتَمِعُ لِيَ الرَّبُّ” (مزمور 18:66). ويالها من غربة عندما ينقطع الاتصال بيننا و بين موجدنا

إذاً بعد كل الذي سبق، كيف أستطيع ملاحظة النمو بالإيمان وادراكه؟

المؤمن النامي بالإيمان ينمو في كل عناصر الحياة الروحية النمو، فهو ينمو في معرفة الله كما إن النفس تحتاج الى كل ما هو ضروري لمعيشتها، هي أيضا تحتاج الى الارتباط بالله والاتحاد معه حتى تتقبل منه ومن خلاله كل ما هو ضروري لدوام حياتها الروحية ونموها “مثمرين في كل عمل صالح و نامين في معرفة الله.” (كولوسي 1: 10)

كما ينمو أيضاً في الفضيلة إن نقصان الفضيلة يسد الطريق أمام نعمة المسيح فيعطل سريانها فينا. “بل صادقين في المحبة ننمو في كل شيء الى ذاك الذي هو الرأس المسيح” (افسس 4 :  15) لأن الله يكافأ الإنسان بقدر ما يكون الدافع لأعماله هو تبكيت الروح و التواصل مع الرب فقط ولا شيء آخر” أَمَّا أَنْتَ، فَعِنْدَمَا تُصَلِّي، فَادْخُلْ غُرْفَتَكَ، وَأَغْلِقِ الْبَابَ عَلَيْكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. وَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ، هُوَ يُكَافِئُك” (متى 6:6) وأيضاً مرة أخرى “ لِكَيْ لَا تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِماً، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. وَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ، هُوَ يُكَافِئُكَ”(متى 18:6)

أما النمو في الخدمة فهو التطبيق العملي للحياة المبذولة في الشركة مع الرب، ليس الشراكة بموته و قيامته بل الشركة في خدمته وهى أسمى حياة يمكن أن يحيها انسان على الأرض “بالمحبة اخدموا بعضكم بعضا” (غلاطية 5 : 13) لا تدعوا يوما يمر دون أن تمدوا يد المحبة لشخص ما بعيد وتائه عن الله، قدموا ولو مجرد ملاطفة ، رسالة ، زيارة ، ساعدوا بطريقة ما وعن إدراك النمو بالإيمان فهو من ظهور ثماره الحقيقية في حياة المؤمن النامي بالرب يسوع المسيح، كما إن الشجرة التي تنمو تثمر، كذلك النمو الروحي يعرف بظهور ثمار الروح ” وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف”(غلاطية 5 :22). وهذه الثمار معطية للمؤمنين ليس بالاستحقاق بل بالنعمة

وهذا ما يمكن المؤمن من التعرف على المسيح معرفة كاملة ليست معرفته فقط ك إله صاحب السلطان المخلص من الخطية مجاناَ، بل معرفة كونه مصدر الحكمة والمحبة، والقائد من خلال روحه القدوس في حياة المؤمنين الأمناء، ” انموا في النعمة ومعرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح” (بطرس الثانية 3: 18)

وختاماً لنعمل جاهدين لمحبة كل موجودات هذا الكون وكل عناصره، محبة قلبية، محبة حقيقة، محبة صافية نقية تليق بالمدعوين أبناء ” أَمَّا مَنْ لَا يُحِبُّ، فَهُوَ لَمْ يَتَعَرَّفْ بِاللهِ قَطُّ لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ! ” (رسالة يوحنا الأولى 8:4 ) لنصلي شكراً ونصلي فرحاً صابرين في الضيقات ممتلئين بهجةً بالرجاء بربنا يسوع المسيح